بسم الله الرحمن الرحيم
أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَٰتَلُونَ بِأَنَّهُمۡ ظُلِمُواْۚ وَإِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ نَصۡرِهِمۡ لَقَدِير
في مساء يوم الثلاثاء الماضي، شهد كل الأحرار والمعذبين في العالم يومًا من أكثر الأيام مرارة في التاريخ؛ إن حرارة وألم استهداف ومجزرة مستشفى المعمداني ليست متعلقةً بالمسلمين فقط، بل أصابت كل الشعوب الانسانية. جريمة ستبقى وصمة عارها أقوى من جرائم ديرياسين وصبرا وشاتيلا ولن تمحى من الذاكرة التاريخية لأحرار العالم. إن النظام الصهيوني الغاصب، الذي له تاريخ يمتد إلى نحو 75 عاماً، قد أظهر من خلال هذه الجريمة وقتل الشعب الفلسطيني المظلوم، مرة أخرى أن كلمة الإنسانية لا مكان لها في قاموسه الفكري والسياسي. وفي الأيام الأخيرة، ومن خلال استهداف المستشفيات والمساجد والكنائس والمنازل السكنية والمدارس، أثبت هذا النظام الغاصب أنه عدو للإنسانية وأنه سرطان يسعى إلى تدمير حياة الإنسان.
لقد تم الهجوم على مستشفى المعمداني بينما كان يتلقى فيه المئات من المواطنين المدنيين والأبرياء، رجالاً ونساءً وأطفالاً وشباباً وشيوخاً؛ إن الضمير الإنساني هو المحكمة الأكثر موثوقية لإدانة ورفض مثل هذه الجريمة، وهناك العديد من القوانين الدولية التي تدين أيضا مثل هذه الأعمال الوحشية .
وتؤكد اتفاقية جنيف الرابعة، الصادرة في 12 أغسطس 1949، في هذا الصدد:
– يجب احترام ودعم جميع الجرحى والمرضى في أي حالة، ويجب معاملتهم بشكل إنساني، ويجب علاجهم وتزويدهم بالرعاية الطبية في أسرع وقت ممكن وبأفضل طريقة ممكنة.
جميع الوحدات الطبية (العسكرية أو المدنية) التي تقدم الخدمات للجرحى والمرضى تحت سيطرة سلطة مسؤولة يجب أن تكون محمية بموجب هذا القانون، مما يعني أن الموظفين والمواد والمباني والمرافق الطبية، وكذلك وسائل نقل المعدات المستخدمة لأغراض طبية ويوضع عليها علامة الصليب أو الهلال الأحمر على خلفية بيضاء يجب حمايتها بموجب هذا القانون
إن اضطهادات النظام الصهيوني، التي استمرت طوال وجود هذا النظام، ينبغي أن تنكشف أمام المطالبين الكاذبين بحقوق الإنسان، وإدانتهم ضرورة، والتي إذا أهملت توفر الأساس لتكرار تلك الاضطهادات.
هناك العديد من الجرائم التي قام بها هذا الكيان الغاصب، منها: استخدام القنابل الفسفورية والكيماوية، صبرا وشاتيلا 16-18 سبتمبر 1982، مجازر 1948 الأحد عشر، مجزرة كفر قاسم في 29 أكتوبر 1956، مجزرة القبيبة في 14 أكتوبر 1953، مجزرة مسجد في الخليل في 25 فبراير 1994، مجزرة قانا في 18 إبريل 1998، مجزرة جنين في 3-11 أبريل 2002، الهجوم على قافلة الحرية ، واغتيال قادة المقاومة وعائلاتهم؛ كلها أمثلة قليلة على وحشية هذا الكيان، إن الأعمال الوحشية المتعطشة للدماء التي يقوم بها النظام الصهيوني السيئ السمعة، والذي واصل القتل الوحشي للشعب الفلسطيني المضطهد في الأيام الأخيرة وقطع الماء والكهرباء والوقود ومنع وصول الحد الأدنى من المساعدات الإنسانية هو أحدث مثال على جرائمه، وبطبيعة الحال، ما زال هذا النظام الغاصب قائما، لن يكون المثال الأخير.
إن استخدام أسلحة الدمار الشامل المحظورة أمر مُدان في جميع أنحاء العالم، لكن النظام المحتل استخدم بسهولة القنابل الفسفورية وبأكثر الطرق وحشية وتسبب في مقتل أعداد كبيرة من المدنيين وخاصة الأطفال الأبرياء. وستتسبب هذه الجريمة والجرائم المشابهة لها في أضرار لا يمكن إصلاحها على الصعید الصحي في هذه المنطقة الجغرافية الصغيرة خلال السنوات القادمة، بالإضافة إلى كل المذابح التي يتعرض لها الناس.
نحن طلاب جامعات العلوم الطبية في البلاد، الذين نعتبر أنفسنا جزءًا من جيل المدافعين عن الصحة والنظام الطبي نشعر بواجب حماية صحة الناس في كل مكان في العالم، نستجيب لهذا النداء المقدس للدفاع عن الشعب الفلسطيني المظلوم ونحن نعتبر أنفسنا ملزمين بالدعوة والإعلان عن أهمية دعم وحماية النظام الصحي في فلسطين :
1- ندعو جميع الأساتذة والطلاب والمجتمع الأكاديمي في إيران والعالم للانضمام إلى جميع الطلاب الأحرار والمحبين للحرية الذين يدعمون فلسطين من خلال إدانة الإبادة الجماعية وجرائم النظام الصهيوني في غزة واتخاذ موقف ضده و الوفاء بالحد الأدنى من واجبهم الإنساني. ومن الضروري أن نحدد بوضوح موقف المؤسسات العلمية أمام هذه الأعمال المناهضة للإنسانية، وكما قال الله عزوجل ، فإن عدم الصمت أمام مثل هذه الجرائم هو عهد إلهي بين الله والعلماء.
«وَ ما اَخَذَ اللهُ عَلَى الْعُلَماءِ اَنْ لا یُقارّوا عَلى کِظَّةِ ظالِم وَ لا سَغَبِ مَظْلوم»
2- نشكر وزارة الصحة وجمعية الهلال الأحمر والمجتمع الطبي على مساندة الشعب الفلسطيني المظلوم وإعلان استعدادهم لإرسال متطوعين ومعونات إغاثية ومساعدات إنسانية إلى غزة، فإننا نطالبهم بالمتابعة بجدية أكبر لإيجاد طريقة لدخول هذه المساعدات إلى غزة، والاستفادة من قدرات الطلاب والمتطوعين في تقديم الخدمات الإنسانية.
3- بالإضافة إلى تقديرنا للدعم القيم والاستراتيجي الذي يقدمه الشعب الفلسطيني والحفاظ على القدس الشريف، نعلن لحكومة الجمهورية الإسلامية الإيرانية ووزارة الخارجية والقوات المسلحة للجمهورية الإسلامية موقف المجتمع الأكاديمي والنخب في إيران من القضية الفلسطينة إذ ندعم فلسطين بقوة وندعم محاربة هذا النظام المحتل ونعلن استعدادنا للعب دور في هذا الصراع التاريخي وتقديم أي مساعدات إنسانية.
4- كما نعلن لأطبائنا وممرضينا وزملائنا الآخرين حول العالم، وخاصة أولئك الذين يعتبرون أنفسهم “أطباء بلا حدود” : في هذه اللحظة من التاريخ، تتجه أنظار العالم نحونا لنقوم بواجبنا المهم على النحو الصحيح؛ إن زملائكم في قطاع غزة يحاولون التخفيف من معاناة أهل غزة في ظل أصعب الظروف وبأقل الإمكانيات. يجب علينا أيضًا اتخاذ إجراءات لمساعدة شعب غزة المضطهد حتى نستطيع منع الإبادة الجماعية والمذبحة بحق الشعب الفلسطيني الأبرياء، وبطبيعة الحال، فإن إنقاذ حياة شخص واحد يعني إنقاذ الإنسانية.
« وَ مَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا»
5- نطالب منظمة الصحة العالمية واللجنة الدولية للصليب الأحمر ووزارات الصحة وجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر في كافة الدول بالإسراع في إيصال المساعدات والمعونات إلى غزة وإعداد طريق دائم وآمن لإرسال عمال الإغاثة والمساعدات يجب ان تتابعوا هذا الأمر بجدية؛ لأن تأخير هذه العملية كل يوم سيصاحبه موت المئات من النساء والأطفال المضطهدين في هذه المنطقة.
6- كلمة مع الحكومات الإسلامية:
نعتقد أن الوضع الحالي الذي يعيشه الشعب الفلسطيني هو نتيجة سلبية لانحراف مواقف الحكومات، وخاصة الحكومات الإسلامية، خلال العقود الثمانية الماضية، الأمر الذي سمح للكيان الصهيوني الغاصب بالتنفس؛ ولذلك، فإننا نعتبر أن المهمة الأهم في مواجهة النظام المجرم هي موجهة إليكم، ومسؤولية ما يحدث نتيجة تقاعسكم المستمر عن جرائم الحرب في قطاع غزة ستكون على عاتقكم.
إغلاق السفارة الإسرائيلية في بلادكم وطرد سفير النظام الصهيوني، إغلاق سفارتكم في فلسطين المحتلة واستدعاء سفيركم هناك، الاعتراف بدولة فلسطين وإقامة علاقات دبلوماسية معها، وكذلك محاولة فتح طريق لوصول عمال الإغاثة والمساعدات الإنسانية لغزة، هذا هو أقل ما يمكن القيام به للتعويض عن الإجراءات الماضية.
7- كلمة إلى الأمم الحرة في كل أنحاء العالم:
دعونا نتحد! وخاصة الدول الإسلامية التي خلقت منذ سنوات وضعا مؤسفا لفلسطين والقدس الشريف بسبب الانقسام بيننا. لن يتبدد الكيان الصهيوني إلا بهذه الوحدة، وأي إهمال وتقسيم لنا اليوم سيكون سببا لنكبتنا غدا. دعونا لا ننسى أن السلوك الوحشي لهذا النظام المزيف ينبع من طبيعته الشريرة وأفكاره القبيحة في اعتبار نفسه متفوقا على الآخرين، وإذا انتصر في فلسطين، فسوف يتصرف بشكل مختلف تماما عما فعلوه بالفلسطينيين.
8- ندعو الإخوة أهل الكتاب والمسلمين في كل أنحاء العالم وأبناء جميع الطوائف والمسيحيين في إيران وفي كل أنحاء العالم إلى العودة إلى طبيعتها الإنسانية وإلى تعاليم الوحي؛ إن الدفاع عن المظلوم ومحاربة الظالم والسعي لتحقيق العدالة هي أمور مشتركة بين جميع الأديان، نتفق جميعا أيضا على أن قتل أهل غزة العزل على يد نظام الصهيوني المحتل هو أمر مخالف للطبيعة الإنسانية أيضا لذا فإن إعلان البراءة وكراهية هذا النظام الصهيوني أمر ضروري ولازمٌ علينا جميعا.
«قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ»
9- على العالم أن يعلم أن النظام الصهيوني السيئ السمعة هو في الحقيقة جزء من الاستكبار العالمي، وأمريكا وإنجلترا هما صانعتا هذا الورم السرطاني والمذنبان الرئيسيان في هذه الجرائم. لقد تسببت سياساتهم القذرة في الكثير من الألم والمعاناة للإنسانية، وفي المثال الأخير، وافقوا على الحرب وقتل الشعب الأعزل في قطاع غزة من خلال استخدام حق النقض ضد وقف إطلاق النار الفوري من قبل أربع دول، الولايات المتحدة، إنجلترا ، بريطانيا وفرنسا. على هذه الحكومات أن تعلم أن شعوب العالم والأمم الإسلامية غاضبة جداً من تصرفاتها اللاإنسانية، وإذا استمرت هذه الأحداث فلا يتوقعوا منها إلا الانتقام والرد الشديد.
وأخيرا، تجدر الإشارة إلى أن الصرخات الحرة للشعوب في جميع أنحاء العالم قد ارتفعت ردا على هؤلاء الأقوياء المستكبرين، ومازالوا كما فعلوا دائما يحاولون إسكات هذه الشعوب المنيرة الحرة ولكن نور الله لا ينطفئ رغما عن جميع المستكبرين والظالمين في العالم.
«يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَ اللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ»
وليعلم الجميع أن هذا النظام المحتل يقترب من أيامه الأخيرة وأن مقاومة المظلومين المستمرة استهزأت من قوته وأمنه الوهمي؛ نحن طلبة جامعات العلوم الطبية والحركات الطلابية في ايران نعلن رفضنا القاطع للمجازر والإبادة الجماعية للشعب والأطفال الفلسطينيين المظلومين واستعدادنا التام لتقديم كل أنواع المساعدة لإنقاذ الناس العزل والبريئين في غزة، كما لن يهدأ لنا بال حتى ندمر ونزيل النظام المحتل هذا الورم السرطاني من الوجود، وفي المستقبل القريب سنظلم سماء الصهيونية وننتقم منهم ومع جميع المسلمين ومظلومي العالم، سوف نصرخ بأعلى صوتنا: « الموت لإسرائيل! »
«وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ»
وَالسَّلامُ عَلی مَن إتَّبَعِ الهُدیَ
وَالسَّلامُ عَلَيکُم وَ رَحمَةُاللهِ وَ بَرَکاتُهُ
98 منظمة طلّابية لجامعات الطّبية في إيران